جزيرة مالطا هي مجموعة من الجزر حقيقة تتوسط الطريق من شواطيء ليبيا إلى شواطيء إيطاليا ، و بالرغم من صغر حجمها تحمل صفحات كثيرة من التاريخ .
هي تشبه طرابلس ، و تشبه جربة ، و تشبه صفحات من قصة قديمة عن القرى الصخرية و القدّيسين ..
المالطيون شعب لطيف ، لهم لغة أفهمها جيدا ، فأصولهم الكنعانية تركت أثرا واضحا في الثقافة والخطاب ، يتحدثون الإنجليزية جيدا و يعيشون في تناغم لطيف .
ولكن هذا ليس سبب زيارتي لها ، في مالطا تعيش صديقتي ، ذات الخد الناعم ، و قطتها الصغيرة التي تدعى ستيلّا ...
تحدثنا عن هذا اليوم ونحن نتشارك مقعدا في مدرستنا الإعدادية ، المستقبل ، أين سنكون وكيف سيكون ، هذه المرة تختلف عن كل المرات ...
هذه المرة الأولى التي ستحمل فيها أسيل طفلتي ، في البداية كنت قلقة فطفلتي تخاف الغرباء أحيانا ولكنها لم تخشى أحدا هناك .
دعيت إلى منزل العائلة ، و قدمت برفقة زوجي و إبنتي ، كانت رحلة جيدة ، وصلنا مالطا مساء و كان الجو مليئا بذرات البحر الأبيض المتوسط ، كنت أظن أنني نسيت عبق هذا البحر و المساء الدافيء بنسماته.
حفاوة الإستقبال كانت تحمل الكثير من الشوق ، أنا أشعر بأنني أزور عائلتي الحقيقية ، مارتن يلتقي لأول مرة بعائلة ليبيّة ، وهو حتى الآن يشيد بكرمهم و لطفهم و روحهم الجميلة ..
جرّب خلال إقامتنا عدة أصناف من الطعام التقليدي داخل وخارج البيت ، و كان يكمل صحنه و يثني على والدة صديقتي و على طعامها اللذيذ ...
إبنتي تملأ أرجاء المنزل بالضحك و الأصوات التي تصدرها و التي تحل محل الحديث الذي لازالت لا تستطيع تكوينه ...
صباح أول يوم ، الشروق ، طرابلس ؟ هل هذه أنتِ؟.
ذهبنا للشاطيء ، منذ سنوات لم أمشي على الرمل و لم أحس بالماء المالح للبحر هكذا ..
قضينا وقتا رائعا ، بين معالم مالطا السياحية وجزرها القريبة ، مطاعمها المميزة و كنائسها العتيقة ، الأضواء تزّين الشوارع إحتفالا بالمناسبات الدينية للمالطيين ، تشبه عرسا حقيقيا من الفرح ...
إشتقت لمتعة الإستلقاء تحت أشعّة الشمس ، لوني أصبح يميل للبنّي ، كما قال والد أسيل معلقّا على اللون الغامق الذي إكتسبته : هذا لونك الأصلي ! الآن أنت فاطمة التي نعرفها .
و حان موعد العودة لألمانيا ، و حان موعد قول إلى اللقاء ، و لكننا سنعود حتما ، فلقد وجذت الكثير مما أحبه هناك ..